Sunday, July 29, 2012

رؤيا - ثقافة التمويل الأجنبي

رفض عمنا يوسف إدريس جائزة مجلة حوار لأنه اكتشف أنها ممولة من مؤسستي فورد فاونديشن وفرانكلين التابعتين للمخابرات الأمريكية، ونشر عمنا غالي شكري تفاصيل علاقة هذه المؤسسات بالمخابرات الأمريكية ودورها في تدجين مثقفي العالم الثالث في كتابه الشهير 'الثقافة في المعركة' كما كتب أحمد عباس صالح دراسة مستفيضة في مجلة الكاتب - آنذاك - شارحاً بالوثائق والأرقام دور فورد فاونديشن المخابراتي في شرق أوربا والوطن العربي، كذلك ترجم صديقنا طلعت الشايب أحد أهم الكتب المعتمدة علي وثائق المخابرات وهو كتاب 'من يدفع للزمار' الذي يؤكد أن هذه المؤسسات التي 'تبدو' ثقافية ما هي إلا مؤسسات 'مخابراتية' تسعي لتحقيق أهداف سياسية في المنطقة.

رغم كل ما كتب مازالت الجماعات والمؤسسات المسرحية والسينمائية والتشكيلية بل والتراثية المسماة بـ'المستقلة' تأخذ حصتها من 'التمويل الأجنبي' جهاراً نهاراً.. غير عابئة بنقد الناقدين تحت دعوي أنها لا تتلقي أي تعليمات من 'الجهات المانحة' وكأن هذه المؤسسات الأجنبية من مبعوثي العناية الإلهية لإنقاذ الثقافة والفنون العربية!!

الأغرب أن المؤسسات المانحة تعلن الأرقام والأهداف والأسماء، فمؤسسة 'أناليند' تعلن أنها تدعم 'ثقافة السلام' بل وتفرض وجود 'نشطاء إسرائيليين' في أي نشاط، وقصة بينالي شباب المتوسط مازالت ماثلة أمامنا، عندما فرضت المؤسسة علي أتيليه الإسكندرية اشتراك فنانين إسرائيليين، ولما رفض الأتيليه عاقبت المثقفين المصريين بنقل البينالي إلي عاصمة أخري، كذلك تعلن فورد فاونديشن تمويلها للبحوث المشتركة 'المعنية بمتغيرات المجتمع المصري كالحجاب والمثليين والمهمشين وأهل النوبة وأهل سيوة بالذات'

كما تمول المؤسسات 'الغامضة' الأهداف كالتاون هاوس وغيره من مؤسسات ما يسمي بالحداثة، ليس في الفنون التشكيلية فقط بل في المسرح والموسيقي، ودعمها لفرق 'الهيب هوب' و'الستاند أب كوميدي' ليس بريئا بل إنه محاولة لأمركة الذائقة الفنية، وقصة تمويلها لفن الطنبورة البورسعيدي معروفة فلقد فضحها فنانو بورسعيد، وكشفوا البرنامج المستهدف تهميش ونزع أغاني المقاومة من تراث السمسمية كذلك دعمها لفرقة مسرحية علي مدي عشر سنوات في مشروع نزع 'العنف' من التراث!! بالإضافة إلي دعمها لمشروع نبذ العنف ضد المرأة والتسامح بين العرب واليهود في مشاريع تراث الأراجوز، هذا كله معروف وتعلنه هذه المؤسسات لأنها تحاسب أمام دافع الضرائب الأمريكي والأوروبي، ورغم ذلك يعلن 'المستقلون' الجدد أنهم لا يخضعون لأي ضغوط!!

الأخطر هو اشتراك المؤسسة الثقافية الرسمية في 'اللعبة' فلقد نظم المجلس الأعلي للثقافة مؤتمرا ناقش حاضر ومستقبل المسرح المستقل بحضور ممثلي الجهات المانحة 'رسمياً' وكأن المؤسسة الثقافية الرسمية تري أن من حق 'الأجانب' تقييم ورسم ملامح حياتنا الثقافية ولا يمكن فهم وجود هؤلاء 'الأجانب' إلا من هذه الزاوية التي أري أنها 'كارثة' تستوجب وقفة جادة من الحركة الثقافية.. فهل نفعل؟! أتمني


بقلم أسامة عفيفي

جريدة الاسبوع 8 أغسطس 2010

No comments:

Post a Comment