Sunday, July 29, 2012

رؤيا - القبطية تراث وطني

جاء في وقته تمامًا، ليعيد الأمور إلي نصابها ويكشف بنور العلم الطريق للمستقبل وسط ظلام الفتنة البغيضة الجاهلة .. جاء ليعلن أن في مصر علماء عقلاء يتدخلون بما يعلمون لمحاصرة الجهلاء من المتعصبين الذين لا يجيدون غير إشعال الحرائق بجهلهم الذي لا يصب إلا في خانة أعداء الوطن.

لذلك أحسست بسعادة غامرة وأنا أتابع جلسات مؤتمر 'الحياة في مصر خلال العصر القبطي' الذي نظمته مكتبة الإسكندرية الأسبوع الماضي والذي أكد ان 'العصر القبطي' هو ملك للمصريين جميعًا مسلمين ومسيحيينوأن القبطية تراث وطني ليس ملكًا لطائفة أو عقيدة بعينها وتعود أهمية هذا المؤتمر إلي أنه أول مؤتمر علمي للقبطيات يعقد في مصر خارج نطاق الكنائس والأديرة - كما قال د.لؤي محمود سعيد منسق عام المؤتمر -

وهذا يعني ان المؤسسة العلمية المصرية العريقة قد بدأت تقوم بدورها العلمي الوطني تجاه حقبة هامة من تاريخ الوطن لتدرس بمنهج علمي لا يخضع لأي مؤثرات وجدانية أو عاطفية.ولقد شارك في المؤتمر علماء من مختلف الجنسيات وباحثون مصريون مسلمون ومسيحيون، فضلاً عن مشاركة رموز الكنيسة المصرية وعلمائها المتخصصين في هذه الدراسات اللغوية والتاريخية، فظهر المؤتمر في النهاية كمعزوفة علمية وطنية ترد بقوة علي دعاة الفتنة فلقد استطاع الباحثون ابراز دور الإنسان المصري في العصر القبطي في بناء حضارة الوطن في محاولة لوضعه في مكانه الطبيعي من ذاكرة الوطن ..

وهو الأمر الذي أكده د.عبدالحليم نور الدين في كلمته الافتتاحية، كما أعلن د.خالد عزب مدير مركز المخطوطات ان هذا المؤتمر بداية للاهتمام بالدراسات القبطية في إطار مخطط علمي وطني واسع وضعته المكتبة .. ولعل أهم التوصيات ما أوصي به د.لؤي محمود سعيد في كلمته بضرورة إنشاء هيئة علمية عليا للدراسات القبطية تقوم علي التنسيق بين الهيئات المعنية بهذه الدراسات .. ورغم تفاوت مستوي الأبحاث العلمية فإن أغلبها أكد ان مصطلح 'قبطي' يعني - لغويًا - 'مصري' وأن 'الكتابة القبطية' التي ظهرت منذ ما قبل قدوم المسيحية هي إحدي مراحل 'كتابة' اللغة المصرية القديمة .. ومن أهم البحوث تلك التي ناقشت 'الفن القبطي' كإحدي مراحل الفن المصري القديم، وتأثره بالفنون البطلمية والبيزنطية وأثره في الفنون البيزنطية فيما بعد خاصة في 'فن الأيقونات' الذي يعتبر فنًا مصريًا خالصًا .. سبق به فنانو مصر فناني أوربا ..

هذا بالإضافة إلي المؤثرات المتبادلة بين الفنون الإسلامية والقبطية خاصة في الفنون الشعبية.المؤتمر بشكل عام انجاز علمي وطني جاء في موعده ليعلن ان 'القبطية' هي المصرية .. وان 'الأقباط' هم سكان مصر من المسلمين والمسيحيين وان 'العصر القبطي' ملك للمصريين جميعًا وجزء لا يتجزاء من ميراث مصر الحضاري.تحية لكل من أسهم في انجاز هذا المؤتمر العلمي الوطني.


بقلم أسامة عفيفى
جريدة الاسبوع فى 1 أكتوبر 2010

No comments:

Post a Comment